الأحد، 18 سبتمبر 2011

ايام من سبتمبر

هل هو القدر ؟؟

ام هي لعبة الاعجاز الرقمي الذى يعتقد البعض فيه

ام هو التشابه التاريخي المرعب احيانا ؟

ام ان للاقدار مشيئة لتبين من الذى علي الدرب ومن حاد منه الي دروب اخري قوامها الخزى والعار احيانا وقوامها الجبن والخوف دائما ؟

بالطبع كل هذه الاسئلة يمكن الاجابة عليها اذا تتبعنا الحدث وتأملنا فيه مليا ،علي اي حال تعالوا بنا نغوص الي اعماق الاحداث والمشاهد لكي نتأكد جميعا ان الامر ليست بالصدفة البحتة وان التاريخ دائما وابدا يلعب لعبته المسلية معنا ...

المشهد الاول :

رجل في منتصف العمر تنظر اليه تجده انسانا عاديا ،لكن هو في الحقيقة قد يكون من فئة السوبر مان او الرجل الذى يحمل المهام الصعبة فوق اكتافه وذهنه يعمل من اجل قضية ما وبالفعل هو كذلك ،الرجل ذو المنصب المرموق في لندن يتبع جهاز المخابرات المصرى وتكون مهمته تغطية النشاطات الصهيونية في بريطانيا ،من اقترب منه يوما يقول عنه دمث الاخلاق ،طيب المحيا ، مخلص لعمله ،وطنيا ...... انه محمود نور الدين ...

نقطة فارقة في حياة الرجل عندما ذهب السادات بعيدا الي الكنيست ذاته بيت الدولة العبرية ليعرض السلام ويجلب لمصر الرخاء هكذا كان يفكر الرئيس الاب او لنقل الرئيس العمدة الذى عارضه بعض من المقربين ان هذا خطر ولكنه لم يسمع الا صوت عقله كعادة متحكمي الامور في المحروسة ..السادات ذهب والرجل يستقيل من المخابرات ويقرر فتح جريدة 23 يوليو ويذهب بعيدا في مواقفه ليكون ضد السادات ومعارضا له وبعدها تغلق الجريدة لعدم وجود التمويل الكافي ...

المشهد الثاني :

وسائل الاعلام تعرض صورة مباشرة الي احداث السفارة الاسرائيلية في القاهرة ،الشباب يحتشدون حولها ،يهدمون الجدار العازل ،هناك من يكتب علي تويتر هدمنا الجدار بالكامل "دة زى البسكوتة " ويكتب اخر "في ناس اقتحمت السفارة " ،بعدها نرى ونشاهد منظر الاقتحام واوراق السفارة تطير في الهواء ،وهناك من يتسلق لينزع العلم الاسرائيلي ويلقيه وسط التهليل ......

المشهد الثالث :

زيفي كيدار كان الضحية الاولي ..كان زيفي كيدار مسئول الامن في السفارة الاسرائيلية الهدف الاول الذى يطاله تنظيم ثورة مصر ..او لنقل بمنتهي الثقة التنظيم الشعبي الاول لمقاومة التطبيع ..

محمود نور الدين يرجع الي مصر ويؤسس في الخفاء هذا التنظيم الذى ضم خالد جمال عبد الناصر وكان ممولا فيما يبدو ويضم شريف نجل حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية حتي عام 1975 ويضم اخو نور الدين احمد عصام الدين والكثريين ممن اعجبتهم الفكرة ..ولكن ماهو هدف التنظيم ..

كان محمود نور الدين ناصريا يتبني افكار القومية العربية ومناهضة الصهيوينة ..حسنا لن احبذ ان اكتفي بهذه الجملة وكفي بل انني افضل انه كان مصريا مخلصا وطنيا انشأ تنظيما مقاوما لمناهضة الموساد في مصر وقد كان

نفذ التنظيم عمليات قتل منظمة ضد الاسرائليين وتطور الامر الي الامريكين .كانت ضحاياه

زيفي كيدار مسئول الامن في السفارة الاسرائلية

البرت اتراكشي المسئول السابق في الموساد لشئون انجلترا وكان نور الدين يعرفه وحكي عنه انه كان يتلذذ بقأ عيون الاسرى المصريين في سيناء

ايلي تايلور رئيسة الجناح الاسرائيلي في معرض القاهرة الدولي في مدينة نصر

عمليات ضد مسئولين في المخابرات الامريكية تابعين للسفارة في القاهرة .

...........

التنظيم الشبح الذى ينفذ عمليات قوية ويختفي كلمح البصر ..تنظيم احرج الجميع وكان اولهم الرئيس المخلوع ولكن ماذا عن الشعب ؟

كان الشعب المصري يرى تنظيم ثورة مصر وكأنه المخلص في موضوع التطبيع الذى دخلت فيه مصر بقدميها من عام 1979 ولن نجد مثال اكثر من مثال هتاف طلبة جامعة القاهرة "ثورة مصر ..طريق النصر "....لكن جاءت النهاية سريعا ....

المشهد الرابع :

كانت الخيانة هي النهاية المحتومة لتنظيم ثورة مصر عندما قرر اخو نور الدين الخيانة ..

احمد عصام الدين يقرر ان يخون اخوه والتنظيم ويتصل سرا بالسفارة الامريكية من اجل نصف مليون دولار وزيادة عليهم الجنسية الامريكية هنام عدة تفسيرات للخيانة ولكن برأى ان الخيانة هي الخيانة والاهم ان عصام خان رفاقه والتنظيم انتهي نهاية لم تكن في حسبان محمود نور الدين ورفاقه ..

الان محمود نور الدين امام النيابة يدلي باعترافته حول تنظيم ثورة مصر ..يقبض علي الجميع ماعدا خالد عبد الناصر الذى غادر الي يوغسلافيا ..

انتهي المشهد ...

المشهد الخامس :

عام 1998 جنازة مهيبة يحرق فيها العلم الاسرائيلي مقترن بعلم الولايات المتحدة لم تكن هذه جنازة الا لمحمود نور الدين الذى قضى نحبه في سجنه في 16 سبتمبر وكأن القدر يخرج لنا حكمة وعبرة مطوية لا يجدها الا من يلتقط الاحداث ..

مشهد اخر متداخل

جنازة اخرى لرفيق محمود نور الدين وهو خالد عبد الناصر في نفس اليوم الذى مات فيه محمود نور الدين ولكن الاهم من هذين المشهدين مشهد اخر ....

المشهد السادس :

السادات يرتدى بذلته الانيقة امام الكاميرات مبتسما الي جواره مناحم بيجن رئيس الوزراء الاسرائيلي ويقف متوسطا جيمي كارتر الرئيس الامريكي اما الايدى فانظر جليا ستجدها التحمت في انسيابية رائعة تذكرك ان هؤلاء اتفقوا علي شىء ما ..لم يكن هذا الشىء الي سلام مع الذى كان عدوا بالامس ...

تنظر اليه الان كذكرى سيئة ولكن الوقع الاكبر من السوء لو كنت حضرت هذا المشهد ورافض له كمحمود نور الدين ورفاقه ..اظنه اهم المشاهد علي الاطلاق ..مشهد بكل المشاهد بل نقل انه الاصل في المشاهد او لنقل بلغة السينما انه "ماستر سين " المشاهد السابقة ...

كان المشهد السابق في 17 سبتمبر عام 1979 حيث وقعت معاهدة السلام في منتجع كامب ديفيد في ولاية ميرلاند بالقرب من واشنطن ...

الان وبعد كل هذه المشاهد نقل ان القدر متمثل في العاب التاريخ المسلية هي من فعلت هذا يموت من يقاوم في ذكرى من يهادن .. تتجلي الشجاعة في ذكرى الجبن والخزى احيانا ..نتفق او نختلف مع تنظيم ثورة مصر ..نتفق او نختلف مع معاهدة السلام ..نتفق او نختلف مع اقتحام السفارة الاسرائيلية اخيرا ..ولكن يبقي في النهاية ان نتفق علي امور عدة او لنقل كلمة سواء بيننا

ان التاريخ يحكي لك احداث دقيقة بمنتهي الصدق لا يكذب عليك ولك ان تختار اي الفريقين ...

الان ردد ورائى هذه الجملة :

ذكرى من يقاوم مع ذكرى من يهادن ..ذكرى الشجاعة ..مع ذكرى الجبن والخزى احيانا ...

هذا المقال اهديه

لكل من قاوم ظلما ومازال يقاول ..