انتخابات عام 1999م داخل الكيان الصهيوني التي شهدت كالعادة ائتلاف حزبي وقد احتل المركز الثالث في ترتيب الاحزاب الفائزة بالمقاعد حزب شاس الديني ليحصل اثناء هذه الانتخابات علي سبعة عشر مقعدا في الكنيست ..هل هي اول انتخابات يدخل فيها شاس الحزب الديني اليميني ويكون له وزراء يقبعون في مبني رئاسة الوزراء ؟؟ ام ان للحكاية فصول وتفاصيل اخرى ؟؟انه شاس ياسادة حزب اسرائيل الديني ...
ש״סاو شاس بالعربية او اختصار لشسا سداريم التي تعني المباحث الستة في التوراة ..من الواضح ان شاس اتخذ من التوراة قدوة ومثل اعلي ..حزب توراتي يعبر عن السفارديم او اليهود الشرقيين ..اليهودى القادم من العراق او مصر او المغرب او اليمن سيجد ملاذا وامنا داخل ربوع الحزب وافكاره ..سيجد داخله افكار السفارديم المعبرة عن حياتهم وتقاليدهم وتمثيلهم في الانتخابات ليقول اليهودى الشرقي الان اصبح لي درع من الاشكيناز وسيف موجه ضدهم في بعض الاحيان ..هناك العنصرية داخل الدولة العبرية ذاتها الاشكيناز في يدهم السلطة والثروة والسفارديم اتوا من بلدان متخلفة اصلا اذن فليس لهم الحق في التمثيل ومكانهم في الكيبوتس او علي اقل تقدير في الموساد..
عوفاديا يوسف المولود في العراق عام 1920 ليهاجر بعدها الي ارض الميعاد ويلتحق بالمدارس التوراتية ثم يلتحق بالحخامية في القاهرة قبل ثورة يوليو وبعدها يرجع الي فلسطين المحتلة ليكون امام موعد مع القدر ويرتقي في هذا السلك ليصبح بعد ذلك مؤسس شاس وزعيمه الروحي ..حزب شاس الديني الذى طالما اختلف اختلافا جوهريا مع الصهيونية ولكنه دخل اخيرا في حركة الصهيونية العالمية عن طريق هيئة الهستدروت العالمية ذات الصبغة الصهيونية ليؤكد لك ان اليهودية والصهيونية احيانا يلتقيان خلاف مايظن البعض ..وقف شاس دائما مع النواحي التوراتية حتي في السياسة الي جانب المجال الاجتماعي والاقتصادي الذى يقوم به الحزب ببراعة داخل المجتمع بدعم مالي حكومي الي جانب من يهمه الامر في المجتمع ..اذن نستنتج ان الحزب شمولي لا يرى ابدا النواحي السياسية فقط بل عينه اولا واخيرا علي الفرد اليهودى الذى طالما نظر الي الحزب انه ممثل التدين داخل الدولة وهذا يقودنا الي تفسير اكثر ايلاما في اوطاننا المنكوبة بعقول خربة ابعدت الدين عن كل شىء في الماضي والحاضر ايضا ..ليس هذا موضوعنا علي اية حال ..
حركة شاس ماهي الا افراز طبيعي لافكار اليهود المتاعقبة منذ الاف السنين كما يبينها الكاتب "اسرائيل شاحاك " في كتابه الذى سأتناوله بالتفصيل ولكننا الان بصدد معرفة شاس والافكار التي تبني عليه ..شاس الحزب الذى قام عام 1984 بعد ان انشق عن حركة اغوات يسرائيل الممثلة للتيار الديني المتزمت في المجتمع الاسرائيلي ..اصبحت حركة شاس الممثل الخاص للمتدينين ..تدخل الانتخابات باسمهم معبرة عن طموحاتهم عن افكارهم عن حياتهم ..ولكن الذى سنعرفه ان حركة شاس ماهي الا ظاهرة صغيرة من ظاهرة اكبر بشكل يثير فضولك ..شاس معبرة عن "يوم سبتهم " او الدين الذى يعبر عنه الصهيونية السياسية او بشكل اخر الدين الذى يحرك الصهيونية السياسية ومن هنا تأتي القصة والحكاية ..
"يوم سبتهم " تعبر عن تلاقي الصهيونية مع العقيدة اليهودية ..اعتقد وربما هذا الاعتقاد خطأ عند البعض ان الصهيونية هي خلاصة العقيدة والاسطورة اليهودية ومعبرة عنها بشكل كبير ..العقيدة اليهودية تتصف بالعنصرية الشديدة تجاه غير اليهود وكان هرتزل معبر عن احياء هذه الاسطورة ومنفذها بن جوريون ورفاقه والضحية دائما الطرف الاضعف ..افكار اليهود وعقيدتهم مرتبطة بالصهيونية ..افكارهم التي بنوها منذ الاف السنين ..
عندما تقرا ان مواطنا اسرائيليا لم يسعف جريح فلسطيني ينزف بحجة ان اليوم هذا السبت المحرم علي اليهود كتابة اي ورقة او الاتصال ويعتبر هذا اجراما في العقيدة اليهودية وعندما عرضت هذه القضية علي المحاكم الدينية في القدس اعتبر الحاخامات ان المواطن الذى قام بذلك تقيا صالحا وانه نفذ الاوامر التلمودية بالحرف ..
انه التلمود ياسادة ..الاسرائليون يعيشون العصور التلمودية علي ارضهم التي اغتصبوها من الغير ..الاحتلال ليس سياسيا كما نعتقد بل هو عقائدى مستمد من الاسطورة التي حاكوها من انسجة التواراة والتلمود ..الان يمكني القول ان اسرائيل تلمودية بكل متعنيه الكلمة من معني ..
السبت المقدس له معني كبير في اسرائيل اليوم .."ممنوع ركوب الدراجات ياصغار لانه السبت هكذا يقول الحاخام فاذا قيل له الدراجات لم تقال في التلمود يرد قائلا الماشية موجودة والدراجات تقوم بنفس الوظيفة في العصر الحديث "
انه يوم سبتهم المقدس .. يوم الخداع اليهودى القديم الذى صوره القرأن بروعة حينما قال الله تعالي :
"وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ"
يوضح اسرائيل شاحاك في كتابه " تاريخ اليهود ،الديانة اليهودية وطأة ثلاثة الاف سنة " هذه الاية بشكل عملي للغاية من وجهة نظر مواطن اسرائيلي عاش في اسرائيل وتربي علي افكارها ..ولد شاحاك عام 1933 في بولندا وهاجر الي فلسطين عام 1948 وكان يظن ساعتها انها الجنة الموعودة لليهود حتي عرف الحقيقة واعترض علي ممارسات اسرائيل ضد العرب ثم ترك اسرائيل وتوفي عام 2001 ..شاحاك فضح الممارسات الاسرائيلية المستمدة من الديانة اليهودية ذاتها والتراث اليهودى التي استمدت منه الصهيونية ارائها وافكارها الاشد خطورة لانها جعلتها في قالب الدولة السياسية واليك ببعض النقاط الهامة حول بعض التراث اليهودى الذى يمارسه المواطن العادي داخل اسرائيل اليوم :
- حلب الابقار في الكيبوتس ..حيث يحرم حاخامات حلب الابقار في يوم السبت ولكن يخدع اليهود الي الان بطريقة التحايل الشهيرة حيث اصدر الحاخامات رؤية خاصة وهي ان الحلب يصبح مباحا في حالة صبغ اللبن باللون الازرق ..وهذا الحلب السبتي الازرق يخصص لصناعة الجبن حصرا ..بل ان الحاخامات اليهود ابتدعوا بعدها رؤية اكثر مكرا وهي مادامت ضروع البقرة تؤلمها فيجوز حلبها لانهاء المعاناة ويصر اليهودى بوجود دلو حتي ينساب اللبن المحرم فيه ويستفاد منه في النهاية .
- السنة السبتية الخاصة بالاراضى الزراعية هذا القانون مطبقا من الف عام عند اليهود طبقوه بحذافيره عند قيام الدولة ..ينص القانون علي اعفاء خاص للمستوطنين بطريقة التلاعب واصبح من القوانين الاسرائيلية الراسخة حيث يعطي وزير الداخلية الاسرائيلي وثيقة خاصة للحاخام الاكبر الذى يبيع بيعا صوريا للاراضى الاسرائيلية لمشتر بأجر رمزى جدا وعند انتهاء السنة يأخذها الحاخام وبالتالي للحكومة لان التلمود يحرم الامتلاك في هذه السنة وبالتالي يتخلص اليهود بتلك الحيلة من الاراضى وايضا بطريقة تلاعبية صورية ..
اذن الدولة خاضعة للحاخام واحكامه وتعاليمه اي انها دولة علمانية امام الجميع دينية ايضا امام الجميع ..اذن نفهم ان الصهونية دينية مستمدة من التلمود المتعصب ضد كل ماهو غير يهودى وستجد بين ثنايا التلمود احكام تتعلق بالامميين غير اليهود منها ماهو متعلق بتعامل اليهودى مع غير اليهودى وستجدها في ممارسات الدولة الاسرائيلية ضد رعايها من غير اليهود وبالاخص عرب 48 داخل الخط الاخضر وبالرغم من هؤلاء يمتلكون الهوية الاسرائيلية ولكنهم لايمتلكون القرار ولا اي شىء اخر ويعاملون كمواطنين من الدرجة العاشرة بسبب التمييز اليهودى لا الصهيوني ..اذا افترضنا ان الصهيونية سياسية قائمة علي الدولة بكل ماتعنية الكلمة وافتراضتها المتوقعة من المواطنة والتمثيل الانتخابي واسس الدولة الحديثة ستجد ان الصهيونية تستمد من الاحكام التوراتية والتلمودية في مسارها السياسي والاقتصادي والمجتمعي ..
بن جوريون الذى صرح امام الجميع في الكنيست اثناء حرب السويس 1956 " إن إسرائيل بدأت حرب 56 لا للدفاع عن النفس بل لتأسيس أجزاء من مملكة سليمان" اذن الصهيونية تهدف الي ملك سليمان ..
النشيد الوطني الاسرائيلي ذاته "الهاتكافا" ينص بالاتي ( مادام قلبي اليهودى ينبض فاسبقي احلم ان اعود الي ارض الاباء والاجداد ارض صهيون واورشليم )
العلم الاسرائيلي ذاته الذى يعبر بكل ماتعنيه الكلمة من احلام ومعتقدات اليهود ..خطان ازرقان في اشارة الي النيل والفرات ونجمة داوود الشهيرة علي اراضي ستمتد من ضواحي القاهرة غربا الي الكويت شرقا ومن جنوب الاناضول شمالا الي شمال المملكة السعودية جنوبا ..
يقولون دائما في اسرائيل ان اي مسيحي في بيرو يتهود اي يصير في الملة اليهودية يصبح له الحق في الهجرة الي ارض الاباء والاجداد ..اظن ان هذه المقولة صحيحة من حيث التراث والواقع اليهودى اليوم وستبقي شاس وحركات اخرى لها من الوجود في السياسة الاسرائيلية ماتحتم عليه التقاليد اليهودية العتيقة ....
يتبع ...ان شاء الله