الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

رحلة الدم والنار


سأبدأ الحكاية من حيث انتهت ..او من حيث انتهي اليه الضمير والوجدان العربي ..او من حيث انتهي الصغار في المعرفة او حيث انتهي المؤرخون في التسجيل والتدوين ..او حيث النصب الذى انتهي منه اهالي بيت لحم لتخليد البطل ..او من حيث ضريحه الذى يقف عليه ابنه ويقرأ له الفاتحة ..او من حيث شارعه الذى يحمل اسمه في المهندسين ولا يتذكر سكان الشارع او حتي المارون به شىء من الشارع الا الاسم ولايعرفون الحقيقة او الحكاية من مبتدأها الي منتهاها ...

اذن نحن امام احمد عبد العزيز قائد القوات المتطوعة في حرب 48 الذى قاد هذه القوات الي المجد والتاريخ الذى لايذكره احد ..عامة المشكلة وجرحها النازف اننا لانذكر الا التاريخ الرسمي ..لا نذكر الا التاريخ المدون في سجل الحكومة ..لا نذكر الا ابطال الحكومات او ابطال الجيش الرسمي اما الابطال الذين يخالفون الرسميات لايذكرون بخير ..ولكن استثني من فضلك احمد عبد العزيز فالرجل مشهور في انحاء الوطن العربي من يعرفونه في جيله يتذكرون ظاهرة البطل التي عاشها هذا الجيل طوال اكثر من ثلاثة شهور هى رحلة الدم والنار التي قادها البطل ورفاقه في ارض الميعاد ..ارض ميعاد ايضا لنا بالنسبة لنا نحن المسلمون ..ليس لليهود حق في التسمية ..

العين بالعين ..والسن بالسن ..والدم بالدم ..والقتل بالقتل ..لايعرف البطل سوى هذه اللغة ..ولايعرف اليهود الا هذه اللغة ..قل ماشئت من حواديت السلام والاستسلام والهدنة وقرارات الامم المتحدة والمنحلة ايضا ..البطل لا يعرف في حياته الا هذه اللغة من اول اللحظة التي حمل فيها السكين صغيرا ليثأر ممن قتل اخوه عمر في مصر حيث الثورة التي اضطرمت في 1919 والتي قتل فيها اخوه غدرا علي يد ظابط انجليزى ..ليتحول بعدها احمد اخوه الي رجل يتحمل المسئولية ويخطط وهو وزملاءه الصغار لقتل الانجليز وينفذها ..من اول اللحظة التي دخل فيها الكلية الحربية ..من اول اللحظة التي قرر فيها بأباء ان يتطوع للحرب ليكون اول المتطوعين لهذه الحرب ليحرج القيادة المصرية انذاك حيث كانت لم تقرر بعد هى وشقيقاتها من الدول العربية الدخول في حرب ..وكان البطل قد قرر ان يدخل الحرب وليكن مايكون ..هو لا يعرف الا لغة القوة بمعتقده الايماني القوى وايمانه ان هذه الحرب حرب مقدسة ..

دائما كنت تسمع المتشدقون في هذا الامر ليخرجون عليك ويقولون ان الحرب بيننا وبين اسرائيل هي حرب سياسية او حرب علي ارض .. الحقيقة انني درست ان هناك نوعان من الحروب ..حرب حدود ..وحرب وجود .. بالطبع وانت تعرف القضية كلها الحرب بيننا وبينهم هي حرب وجود او ابعد من ذلك فهي حرب معتقد ..حرب مقدسة ..لا اقول هذا الكلام من عندى بل هو موجود في مذكرات القادة الصهاينة من اول بن جوريون الي رئيس الوزراء الحالي الذى يخرج علينا كل حين ليوضح للعرب ان لا يوجد تفاوض من اي نوع علي القدس ...

احمد عبد العزيز يعرف هذه الحقيقة وحارب علي اساس هذه الحقيقة ..وكانت عينه وقلبه ووجدانه في القدس ..من مقولته التي يبينها التاريخ دوما .." لو ضاعت القدس الغربية من ايدينا فلن نحررها الي قيام الساعة " هكذا قالها لجنوده الذى كان بمثابة اب واخ لهم ..قاد المعارك بحنكة وقوة غير معهودة اخافت واثارت اعجاب موشى ديان الذى كان علي جبهة القدس يدافع عنها ..احمد عبد العزيز المغامر في نظر القيادة المصرية التي كانت ترسل له دوما ان يطيع اوامرها وكان يخالفها لصالح قواته التي وصلت الي منطقة لم يصل اليها جندى عربي الى الان وهي جبل المكبر وهو جبل جنوب القدس وهو الجبل الذى كبر من عليه عمر بن الخطاب والمسلمون في يوم استلام مفاتيح القدس من بطريرك القدس التابع للروم انذاك ..

الحقيقة هذه نبذة مختصرة من سيرة البطل ..هناك فيلم وثائقي تناول سيرته علي قناة الجزيرة الوثائقية
وهذه هي الروابط بين ايديكم لمن يريد معرفة الحكاية من اولها الي حيث لم تنته ::

الأحد، 3 أكتوبر 2010

الفرقة ال39


دائما نرى اعلانات مستشفي الاطفال لسرطان الاطفال ونتعجب في زمان كثر فيه التعجب من ارادة مصرية تحققت اخيرا في زمن قلت الارادة المصرية في كل شىء ..نرى الانهزامية التي تغلغلت في نفوس المصريين ..نرى قلة الحيلة والامبالاة والسلبية في عيون الشباب الذين هم اجدر من يبثوا روح العطاء والامل ولكنني لن اعيب علي الشباب بقدر ما اعيب علي الحكومات المتعاقبة علي مصر التي كانت السبب الرئيس في ذلك الامر وايضا لن اعيب علي الحكومات بقدر ما اعيب علي المؤرخين ومثقفي مصر الذين لم يقوموا بتغيير نفوس الشباب الي الافضل ..هل يعرف الشباب ماهي الفرقة 39 ؟! اسمع من الشباب من يتهكم ويقول هى فرقة كروية شهيرة اواسمع اخر يقول بل هي فرقة موسيقية شهيرة ...

كنت اشاهد احدى الاعلانات التي تروج لمستشفي الاطفال وتدعو المصريين الي التبرع لهذا الصرح الجميل الذى تجسدت في الروح المصرية التي تكاد تختفي بين ركام الانهزامية وسمعت صوت الاستاذ ابراهيم حجازى وهو الكاتب الصحفي واحد ابطال نصر اكتوبر العظيم وهو يدعو المصريين الي التبرع لهذا الصرح .. ولكن هل مستشفي الاطفال فقط من يستحق التقدير وكل هذا الاهتمام ؟! قد نقول ان هذا الصرح عظيم وجميل ولكن هناك من يستحق التقدير اكثر واكثر ..هل يسمع المشاهير من الفنانين والصحفيين ولاعبي الكرة والسياسيين عن مستشفيات الصعيد او الدلتا في القرى والنجوع التي تحتاج الي نظرة عطف او حتي بتبرع صغير او يسمعون عن المستشفيات الغارقة في العفن والمجارى اه والله ..هل ينظرون الي المستشفيات التي يهجرها المتبرعون وهي الي امس الحاجة الي التبرع ..

الحقيقة انني لا اعيب علي هؤلاء ولا اعيب علي مستشفي الاطفال فهذا ليس موضوع المقال علي الاطلاق ولكن عندما سمعت ابراهيم حجازى وهو مثل ماقلت انه من ابطال نصر اكتوبر وهو ليشجع الناس علي التبرع وهو شىء يشكر عليه تذكرت ابراهيم اخر كان له دور كبير هو وفرقته في تغيير تاريخ مصر وتحويل مصر الي نصر بعد هزيمة ومن ذل الي عز وهو لعمرك شىء كبير لايقدر عليه الا بطل مثل ابراهيم الرفاعي ..

ابراهيم الرفاعي عبد الوهاب لبيب المولود في حي العباسية بالقاهرةعام 1931 لاسرة تنتمي الي التقاليد العسكرية حيث كان جده الاميرلاى عبد الوهاب لبيب والذى تخرج في الكلية الحربية عام 1954 لينضم الي سلاح المشاة ثم الي اول فرقة صاعقة في الجيش المصري في منطقة ابو عجيلة في بدايات العدوان الثلاثي لينضم الي القوات المقاتلة ولفت الانظار له انه ليس بجندى عادى فهو يتميز بالقوة والشجاعة حيث كان من المدافعين عن مدينة بورسعيد ابان الحرب عام 1956 واصبح مدرسا في مدرسة الصاعقة بعد الحرب ..

الحقيقة ان السرد لشخصية ابراهيم الرفاعي لن يوفيه حقه ..ابراهيم الرفاعي الذى كون ابان حرب يونيو 1967 فرقة
صاعقة اختار جنودها وظباطها بنفسه وكانت مهمتها ان تتعدي خطوط العدو في عمق سيناء وتنفذ عمليات تؤرق العدو ليل نهار ..ابراهيم الرفاعي الذى كان مصدر قلق رهيب للعدو بفرقته التي سميت 39 لانها في هذا الوقت الفرقة المصرية الوحيدة من القوات المصرية التي عبرت القناة في جميع الظروف ..

كانت الفرقة ال39 مكونة من جنود وظباط تربوا علي يد ابراهيم الرفاعي وحسه العسكرى وكانوا ينفذون كل ماهو مطلوب منهم من اوامره ..الفرقة 39 كانت متخصصة في عبور القناة وضرب خطوط العدو الرئيسية وكان الاسرائليون يعملون حساب كبير لها بل ان الجنود الاسرائليون كانوا كثيرا ما يصرخون في الاستغاثات الواردة من الجبهة والتي كان مسئولو المخابرات المصرية يلتقطون هذه الصرخات ويبعثون بالشرائط المسجلة الي ابراهيم الرفاعي كمكافأة له علي كل عملية يقوم بها ..كانت الفرقة ال39 والتي قامت بعمليات شهيرة جدا مثل عملية لسان التمساح والتي كانت عملية انتقامية علي استشهاد الفريق عبد المنعم رياض مارس 1969 والتي خطط لها الرفاعي جيدا ودرب جنوده علي اقتحام هذا الموقع في صحراء دهشور وتقرر موعد العملية بعدها بعد التدريب لنجد ابراهيم الرفاعي علي رأس قواته في الموقع الذى اسفر عن مقتل كل الجنود الاسرائليين في الموقع وقد قتلوا ذبحا بالسونكي وتم تفجير الموقع بالكامل واعترضت بعدها اسرائيل علي القتل الوحشي علي حسب وصفها في الامم المتحدة ..

استمرت الفرقة ال 39 في عبور القناة وقتل الاسرائليين ورعبهم حتي اكتوبر 73 حيث تم ادخال هذه الفرقة من ضمن القوات العاملة في الحرب ومن ضمن عملياتها الناجحة في الحرب :
  • يوم 6 أكتوبر ويهاجم منطقة آبار بترول بلاعيم
  • يوم 7 أكتوبر يهاجم مطار شرم الشيخ
  • يوم 8 أكتوبر يهاجم منطقة راس محمد وشرم الشيخ
  • يوم 9 أكتوبر يهاجم شرم الشيخ مرة ثانية
  • يوم 10 أكتوبر يهاجم مطار الطور ويدمر أتوبيس يقل طيارين اسرائيليين وتصاب إسرائيل بالرعب
  • يوم 15 أكتوبر يعاود مهاجمة مطار الطور
كانت من اعظم اعمال ابراهيم الرفاعي علي الاطلاق هي انهاء عبور القوات الاسرائيلية من الاسماعلية الي القاهرة
وتدمير كل هذه القوات ومنعها دخول القاهرة وفصل القوات الاسرائيلية بقوات اخرى علي الضفة الاخري وهي العملية التي استشهد فيها البطل ابراهيم الرفاعي وتنتهي الاسطورة التي كانت تخيف العدو علي مدار 6 سنوات كاملة والتني قام فيها ابراهيم الرفاعي وفرقته بأعظم مايمكن ان يقوم به المصري للتبرع للوطن وانها ذلته وخزيه وعاره
ماحوجنا اليك ياصاحب العزة والكرامة ..ارجو اذا لم كنت تعرف ابراهيم الرفاعي ان تقرأ سيرتهاكثر وتتعلم منه ..نحن في امس الحاجة اليه لكي ينشلنا من العفن الذى اصبحت فيه مصر حتي النخاع ...